فن النحت على الحجر

 

تطور فن النحت على الحجر تبعا لتطور فن العمارة كونه من الفنون ذات الصلة الوثيقة بالعناصر المعمارية. بالنظر من ناحية الفنون التركية التقليدية نرى أن مواد البناء الأساسية في الأعمال المعمارية التي بنيت في عهد السلاجقة الكبار كانت اللبنة ونوع من الملاط يدعى "ستوكو". ولم يستخدم الحجر في البناء فقط بل كان حاضرا أيضا في الديكور الداخلي والخارجي للأبنية وأكثر أنواعه استخداما هما الكلس والرخام.

إلى جانب استخدامه في الهيكل العام للأبنية استخدم فن النحت على الحجر لأغراض تزيينية وزخرفية وهو ما نلمسه بوضوح في المداخل الضخمة التي يطلق عليها اسم "الباب التاجي" والتي كانت تزين واجهات الأبنية في عهد سلاجقة الأناضول. وصل إلى يومنا هذا الكثير من نماذج الباب التاجي الذي كان سائدا في الأناضول والذي يتميز عموما بحواف ذات سماكات مختلفة تزينها كتابات أو زخارف هندسية أو نباتية، كما كان يتم تزيين الأقسام العلوية للمداخل بالمقرنصات لإضفاء العمق عليها. إلى جانب الأبواب التاجية نرى نماذج من فن الزخرفة على جدران القصر وأسوار المدينة وسبل الماء وغيرها. أكثر الزخارف استخداما في عهد سلاجقة الأناضول هي رسومات الأسود والعنقاء والعصافير والنسور والأفاعي وصور الملائكة وصور تجسد صراع الإنسان مع الحيوان وصراع الحيوان مع الحيوان وزخارف رومانية وزخارف "بالميت" وهاتاي وزهور اللوتس. كما استخدم في التزيين الخطان الكوفي والنسخي.

إلى جانب المباني الدينية تطالعنا نماذج ذات قيمة فنية عالية في فن الحفر على الحجر في الأبنية العامة والمدنية نلمس فيها آثار فن الباروك الذي كان شائعا في نفس الفترة في أوروبا. ولإضفاء تأثير الباروك أعيد إحياء المنحوتات العالية النافرة التي أُهملت سابقا وتراجع استخدام الزخارف الهندسية والنباتية التي شاع استخدامها في الفن العثماني التقليدي لتحل محلها أوراق الغيرلاند والأكانتوس وأصداف المحار وباقات الزهور والورود الموضوعة في الزهريات. كما أن شواهد القبور التي كانت تصنع من الرخام في معظم الأحيان والتي تعتبر من أبرز النماذج الشائعة في فن الحفر على الحجر كانت بدورها من الأعمال اللافتة بأسطحها التي تسترعي الاهتمام. وفقا للتقليد المتبع حينها كانت شواهد القبور تختلف في تصاميمها بين الرجال والنساء وكان يكتب عليها مهنة وسمات وصفات الشخص المتوفى وكانت تلك الشواهد تأخذ شكل عمامة أو "قاووق" أو طربوش الشخص الذي كان يعتمرها.

وتعتبر "الفسيفساء" من التقنيات التزيينية الأخرى التي يستخدم فيها الحجر بشكل أساسي وهي عبارة عن رصف قطع صغيرة ذات ألوان مختلفة من مادة واحدة أو مواد متباينة كالزجاج أو الخشب أو السيراميك إلى جانب بعضها بعضا لتشكل رسما معينا، وفي الاستخدام الشائع يتم غرز قطع صغيرة من الزجاج الملون أو الحجر في الملاط لتزيين الأرضيات أو الجدران.